Saturday, 6 August 2016

مختارات هبه - أغسطس



الجزار - حسن الجندي

يأتي تصنيف البعض لهذه الرواية تحت قائمة الرعب أو الروايات البوليسية وقد يري البعض إنها رواية دموية إلي حد كبير، وقد تكون وجهة نظر صحيحة ولكن لا يجوز الإشارة إلي التفاصيل الدموية في الرواية دون التطرق إلي الأحداث والأسباب التي أدت للوصول بالبطل للإنتقام من هؤلاء الذين تسببوا في ظلمه ودمروا حياته وأغتصبوا وقتلوا أقرب الناس إليه بكل هذه الوحشية والعنجهية.
النفس البشرية وشهوة الإنتقام في غياب الثقة في العدالة وغياب دولة القانون، والشئ الذي قد يحدث فجأة لأي إنسان منا فيغير مجري حياته للأبد، كل هذه الأشياء كانت حاضرة في ذهني أثناء قراءتي للرواية ولذلك لم يكن للتفاصيل الدموية هذا التأثير القوي عليا في وجود كل هذا الكم من الظلم في الأحداث.
فأنا لم أشعر بالغثيان وأنا أقرأ تفاصيل إنتقام البطل من ظالميه و قاتلي زوجته ورضيعته و لكني بالفعل شعرت بأكثر من ذلك بكثير وأنا أقرأ الجزء الأول من القصة الذي يصف فيه الكاتب كيف أن البطل كان إنسان عادي ومسالم وكيف ومتي حوله الظلم وحولته الرغبة في الإنتقام إلي سفاح أو "جزار".
قد يختلف القرّاء حول نهاية الرواية و يراها البعض مربكة و غير واضحة ولكن هذا لا يقلل من متعة قراءة هذه الرواية و الإستمتاع بكل أحداثها بمنتهي الترقب.
فحينما يستشري الظلم وحينما يختفي الأمل في العدالة، يصبح من الصعب أن نلوم المظلوم علي الأسلوب الذي يختاره للإنتقام والقصاص، فالعدل أساس الملك والظلم ظلمات.



ساق البامبو - سعود السنعوسي


الرواية الحاصلة علي جائزة البوكر العربية للعام ٢٠١٣، سبق وكتبت في نفس هذه المساحة عن أحدث رواية المؤلف الكويتي سعود السنعوسي "فئران أمي حصة". اذ عبرت عن انبهاري بأسلوبه وكم أعجبت بتمكنه من التنقل بين الماضي والحاضر والمستقبل دون أن أشعر بأي إحساس بالملل أو فقدان القدرة علي إستيعاب الأحداث. لذلك لم تكن مفاجأة كبيرة بالنسبة لي أن أعُجب برواية ساق البامبو. 
تتناول الرواية الصراع الأبدي بين ما تحثه علينا الأديان (كل الأديان) من مبادئ المساواة بين البشر حتي وإن إختلفوا في الشكل أو اللون أو الجنس أو العِرق، وبين ما تفرضه علينا العادات والتقاليد و"التصنيفات البغيضة" -علي حد وصف الكاتب- التي غالباً ما يفرضها المجتمع حتي بين أبناء الشعب الواحد.
تحكي الرواية سيرة حياة شاب شاء الله أن يولد لأب كويتي الجنسية وأم فلبينية، بالطبع لن أذكر تفاصيل كثيرة عن الرواية حتي لا أُفسد علي القرّاء عنصر التشويق والمتابعة بشغف ولكنني لا بد أن أذكر مدي الإتقان الذي شعرت به أثناء القراءة في وصف أماكن الأحداث، الفلبين و الكويت، فلقد عاش البطل في الفلبين جزء كبير من حياته ولا أبالغ إن قلت إنني أحسست و أنا أقرأ إنني هناك في الفلبين علي الرغم من تفاصيل إختلاف الثقافة وإختلاف البيئة وطبيعة الحياة عن حياتنا في بلادنا العربية، كما إنه عندما رحل للكويت تاركاً الفلبين إنتابني نفس الشعور تجاه مكان إنتقاله.
من أهم الأشياء التي أضافت للقصة هي سيرة المناضل والفنان والطبيب الفلبيني خوسيه ريزال، أقواله وسيرته أعطوا ثراء كبيراً لأحداث الرواية وقد عرّفنا الكاتب من خلاله علي قصة كفاح الشعب الفلبيني ضد المحتل الإسپاني وكيف كانت حياة ريزال ملهمة للشعب الفلبيني في رحلة مطالبته بالحرية والإستقلال وكيف أن موته علي يد الطغاة كان بمثابة الزلزال الذي هز الفلبين وشجع الشعب علي التغلب علي الإستعمار والقضاء عليه.
الراوية جميلة، ثرية ومليئة بالأحداث والمعلومات والإبحار في النفس البشرية وعلاقة الخلق بالخالق، كما إنها تطرح أفكار كثيرة حول إشكالية الهوية وصراع الثقافات.


No comments:

Post a Comment